يمني يگشف عن وسائل تعذيب بشعة تعرض لها خلال أربع سنوات قضاها في السجون السعودية
المستقلة خاص ليمنات
تكشف قضية محمود عبدالله صالح صفحة سوداء مرعبة في موسوعة الانتهاكات السعودية وأعمال التعذيب الوحشية التي يمارسها ضباط ومحققون سعوديون ضد اليمنيين الباحثين عن لقمة العيش وراء الحدود تعرض محمود الذي كان يقيم في السعودية للاعتقال من قبل المباحث وتعرض للتعذيب وسوء المعاملة طيلة نحو 4 سنوات قضاها في عدد من الزنازين والمعتقلات الأمنية الملكية، بتهمة التهريب التي لم يفشلوا في إثباتها فحسب بل ثبت براءته منها، ورغم ذلك استمر اعتقاله وتعذيبه بذرائع واهية وهمية منها علاقته بالقاعدة والتسلل إلى المملكة بطريقة مشروعة بعد أن قضى نحو 20 عاماً هناك في خدمة المملكة وشعبها..
نترك لمحمود فرصة استعراض قضيته أو قصة ومأساة العذاب التي تعرض لها، لنتعرف على حجم وطبيعة الانتهاكات ضد اليمنيين من قبل شقيقتهم الكبرى.. حيث يقول:
“بعد أن عشت في السعودية أكثر من عقدين من الزمن، مثل غالبية المقيمين في أراضيها من مختلف الجنسيات.. اضطرتني الظروف الصعبة إلى العمل في حوش رجل سعودي يدعى أحمد نفاري في قرية حدودية بمنطقة جيزان اسمها “الخوجرة”، كان هذا الرجل يستقبل متسللين يمنيين ويوصلهم بسيارات سعودية إلى حيث يريدون داخل المملكة، مقابل مبالغ مالية، وهذه المهنة يعمل بها كثير من أبناء جيزان..
داهمني أفراد المباحث العامة في 17/2/2008م، وتم إلقاء القبض عليَّ، واقتيادي إلى الحجز، يومها فعلوا بي ما لم تفعله المافيا أو النازيون في ضحاياهم، لقد نكلوا بي وعذبوني، سحبوني إلى الحمام ووضعوا وجهي في مكان المخلفات البشرية (من بول وبراز) وغيرها من النجاسات، ثم داسوا على وجهي بنعالهم، لم استطع أن أتعرف على وجوه من فعلوا بي ذلك وانتهكوا كرامتي لأنهم غطوا على عيوني لقد عانيت وذقت ألواناً من العذاب في زنازينهم الانفرادية، ولن يفعلوا ذلك إلا بتعليمات عليا أو بسبب اهمال القيادات العليا لعملها..
في البداية اتهموني بتهريب أشخاص إلى المملكة بحجة أنني المهرب الذي يدعى “أبو دلال”، وبالمصادفة أنا أيضاً أدعى “أبو دلال” وأنا بريء، بعدها واجهوني بالأشخاص المتهم بتهريبهم وطلبوا منهم أن يتعرفوا عليّ حيث وضعوني مع مجموعة من الناس، فلم يعرفوني، وعندما أخرجني المحققون أكدوا أن أبا دلال الذي يقصدونه شخص آخر وهو مهرب، لقد كان كل ما حدث لي من تعذيب وانتهاكات بسبب الاشتباه فقط.. وحينها بعثت لهم براءتي.. لكنهم بطريقة غريبة استمروا في اعتقالي وتعذيبي رغم براءتي، ومن بين المحققين معي ضابط في مباحث أمن الدولة وهو الملازم إبراهيم كان يسومني سوء العذاب مع ضباط آخرين منهم الأحمري، والمدخلي، والبقية لا أعرف أسماءهم.
بعد ذلك أختلف أسلوب التحقيق والأسئلة الموجهة لي، وبدأت تدور حول أشياء لا علاقة لي بها ولم أتعامل معها يوماً مثل القاعدة والمذاهب الدينية، وطلبوا مني كشف المهربين وأصحاب سيارات التهريب، فسجلت لهم قائمة طويلة لأنهم مشاهير وكل أبناء جيزان يعرفونهم، والغريب أنهم لم يقبضوا على أي شخص ممن كتبت اسماءهم!! ولا أدري لماذا يذهب اليمني بحثاً عن لقمة العيش فيجد نفسه بين مئات اليمنيين في زنازين ضيقة شديدة الحرارة ويتعرض للتعذيب، أو يقتل بطلقة نارية، وبعض الجنود يقتلون اليمنيين عمداً..
لقد حكم عليَّ حرس الحدود وكأنهم محكمة أو قضاة بالسجن عشرين شهراً بتهمة التسلل فرفضت الحكم، لكنهم خدعوني وقالوا إن عفواً من الأمير سلطان شملني وأحالوني إلى الجوازات، وهنا حكموا عليَّ بعشرة أشهر أخرى، ثم ردوني إلى زنازين المباحث العامة ليتفننوا مجدداً بتعذيبي، ثم نقلوني من جيزان إلى أبها، وأعادوني، ثم نقلوني وأعادوني عدة مرات، وفي حجز حرس الحدود طلبوا مني توقيع أوراق لا أعلم ما فيها، وأحالوني للجوازات، وعندما عرفت أن ما وقعت عليه هو حكم بسجني 42 شهراً مع أنه ليس قاضياً ولا محكمة؟!!.. فلو كان علي قضية لأحالوني إلى القضاء أو ذبحوني وارتاحوا مني..
أخيراً أحالوني للسجن العام بعد ما يقارب ثلاث سنوات من السجن في زنازين مباحث أمن الدولة، فإن كانت قضيتي أمنية سياسية فلماذا أحالوني للسجن العام (خاص بقضايا مدنية) وإن لم تكن كذلك فلماذا بعد أن قضيت سنة في السجن العام قاموا بالتنسيق مع المخابرات اليمنية وسلموني إلى الأمن السياسي في اليمن بطريقة أمنية سياسية وذلك بتاريخ 13/7/2011م، وليس ذلك سوى تحايل وتستر على احكامهم البوليسية المتناقضة وتحقيقات أربع سنوات وفشلوا في اثبات أي تهمة ضدي بل براءتي مما اتهموني به..”
“أنني أطالب باستعادة كرامة وجهي الذي أهانوه وداسوا على كرامته في النجاسة ومعاقبة المتورطين بفعل ذلك.. وأطالب بتعويضي عن أيام السجن والتعذيب لدى مباحث أمن الدولة وما لحق بي من ضرر مادي ومعنوي..